مصر بلد حاضن للبشر والعادات والتقاليد، والأطعمة والأشربة والملابس. وكما تتنوع مصر تنوعا عريضا في الأعراق، بين العرب والروم والأفارقة والأسيويين، وكلهم صاروا من إديامها المعجون بماء النيل. تتنوع أيضا على مستوى الأزياء والأطعمة والأشربة، وسائر أوجه الحياة. هذا التنوع احتضنته مصر وصهرته وأخرجته منتجا جديدا بمذاق مختلف وروح متميز.. هكذا مصر!!

وعن أصل طبق الكشرى تلك الوجبة المصرية الشهيرة، تكشف المصادر التاريخية أنها وجبة هندية الأصل، نشأت على المكونات المتاحة والمتوافرة في البيئة الهندية، حيث مزارع الأرز والعدس وهما مكونان تنتجهما البلدان النهرية كالهند ومصر.

وتتفق تركيبة الطبق الفقير والشهي المغذي في الوقت نفسه مع طبيعة المجتمع الهندي، فهو خليط من الأرز والعدس وكان يسمى "كوتشري". هذه الخلطة فيها اقتصاد شديد في الإعداد وفي التقديم أيضا، حيث تجمع كل هذه العناصر في طبق واحد، وهو أشبه بالوجبات السريعة مع الخلاف أن سرعتها كانت قسرية، نتيجة الفقر وقلة الإمكانات، كما أنها تخلو من الدهون والشحوم وكل سلبيات الوجبات السريعة المعاصرة.

وفي عام 1914م حين اندلعت الحرب العالمية الأولى دخل  طبق الكوتشري مع الجنود الهنود الذين جاء ضمن حملة الحماية التي فرضتها القوات البريطانية على مصر، فلم تحتوي معدات الجنود على المدافع والأسلحة فقط، بل رافقتها ثقافة الطعام أيضا!

ويستوطن الطبق الجديد مصر، ليكون خفيفا مقبولا عند المصريين، الذين أضافوا إليه تحسينات، وأطلقوا على مكوناته الأسماء التي تأخذ أشكالا جمالية، فقد أطلقوا على البصل المقرمش الذي يرش فوق الطبق اسم "الورد"، ومن الطبيعي والمألوف أن تسمع العاملين في مطاعم الكشري يتنادون فيما بينهم: كشري زيادة الورد (بصل زيادة) أو خالي الورد (بدون بصل).

ويصبح الطبق الجديد خليط من الأرز والعدس والمكرونة، والشعرية، وحمص الشام، وبالإضافة إلى البصل المقرمش، يقدم مع الطبق الصلصة الحارة، ومحلول الدقة المكون من ماء الثوم المخلوطبالليمون والبهارات.

ويعد هذا الطبق من الوجبات الأمنة من الناحية الصحية في المطاعم المنتشرة في الأحياء الشعبية والأحياء الراقية على السواء، كما أن ثمنه في متناول الجميع، ويحظى بقبول بين مختلف الشرائح الاجتماعية.

إرسال تعليق

 
Top